عدد الزوار

تزوير المنتدى الصوفي القبوري: الحوار الإسلامي
للستر على فضيحتهم وطعنهم بشيخهم عبدالله الحداد / صور
][- ۞۩۞ -][ (( أضغط هنا )) ][- ۞۩۞ -][
فضيحة منتدى الحوار الإسلامي الصوفي
يتهمون شيخهم عبدالله الحداد بشرك الإلوهية وانه ضال مضل / صور
][- ۞۩۞ -][ (( أضغط هنا )) ][- ۞۩۞ -][
عبد الله بن علوي الحداد
وهابي يقر بتقسيم التوحيد صفعة في وجوه صوفية حضرموت
][- ۞۩۞ -][ (( أضغط هنا )) ][- ۞۩۞

السبت، 24 أبريل 2010

كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم - عبد اللطيف بن محمد الحسن


كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم
(1/2)
عبد اللطيف بن محمد الحسن
الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه، وآله وصحبه، وبعد:
فإنه لما صحت أفهام سلـف الأمـة - من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان - وأحسنوا العبادة وما أراد الله منهم، انصرفت عنايتهم لما كُلّفوا به، فحرصوا على ما ينفعهم غاية الحرص، ولم يأبهوا بما يشغلهم عــن ذلـــك ويلفت قلوبهم إلى سواه، فقلّ كلامهم، وبلغوا من العمل منتهاه.
ولما كثر الكلام، وقل العمل، وزاد الانحراف حدة عظمت المخالفة في أمور؛ منها ما حصل في مفهوم الأولياء وكراماتهم، وشـــرّق الناس في أمر الكرامات وغربوا، حتى صارت تشكو من الأحوال الآتية:
1- اسـتـفـحال أمر الصوفية في المبالغة في الكرامات، وما يسمونه بالكشف والإلهام، حتى أتوا فيها بمـــــــا ينافي الشرع والعقل؛ ويظهر هذا جلياً لمن نظر في كتبهم مثل: (الطبقات الكبرى) للشعراني، و(جــامـع كرامات الأولياء) لابن الملقّن، و (كرامات الأولياء) للنبهاني ونحوها. والخـطـيـر فـي الأمــر تصديق عامة الناس من السذج والبسطاء والمغفلين لمثل هذه الخــرافات المنكرة، حـتـى صــــــــارت تـصـــوغ عقول كثير من الناس، وأصبحت معياراً للاستدلال، وطريقاً للتعبد.
2- توسّــع أهل الكلام (الأشــاعرة والماتريدية) من وجه آخر، وتجويزهم أن تصل كرامات الأولياء إلى حدّ معجزات الأنبياء.
3- إنكار معتزلة الأمس، ومعتزلة اليوم (العقلانيين) للكرامات.
4- تلبيس أهل السحر والشعوذة بخوارقهم على العامة، وادعاؤهم أنها كرامة!
ويبقى أهل السنة بوسطيتهم يقفون في أمر الكرامات موقفاً وسطاً يتميزون به، سيراه القارئ الكريم مدعّماً بالأدلة، محلىً بالأمثلة والضوابط والفوائد.
ولا بد من الكلام أولاً عن مفهوم الأولياء. والله المعين.
معنى الولاية:
قال ابن فارس: (الواو واللام والـيـاء أصل صحيح يدل على قرب. من ذلك الولْي: القرب. يقال: تباعـــــد بـعـــد ولْي، أي: بـعـد قرب. ومن الباب المولى: المعتِق والمعتَق والصاحب والحليف وابن العم والصاحب والجــار، كل هؤلاء من الولْي وهو القرب، وكل من ولي أمر آخر فهو وليه)(1).
(والوَلاية: النصرة، والوِلاية: تولي الأمـر. وقيل: الولاية والولاية نحو: الدّلالة والدّلالة، وحقيقته: تولي الأمر، والولي والمولى يستعملان في ذلك)(2).
أما الولاية الشرعية فأمرها غاية في الوضوح، قال الله - تبارك وتعالى -: ((أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ)) [يونس: 62 - 64] فكل مؤمن تقي هو ولي لله - تعالى - بالمعنى الشرعي، ويدخل في ذلك الأنبياء - صلوات ربي وسلامه عليهم - فهم سادة الأولياء. لكن الأولياء في الاصطلاح يراد بهم مَنْ سوى الأنبياء، فيمكن أن يقال إن الولي هو: كل مؤمن تقي ليس بنبي.
والإيمان عند أهل الـسـنـة قــــول وعـمــل، وهو قول القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح.
وقــــــول القلب هو الاعتقاد الجازم، وعمله قيامه بالعبادات القلبية كالإخلاص والمحبة والخوف والرجاء.
والتقـوى: فـعــــل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت مع البر (كانت التقوى اسماً لتوقي جميع المعاصي، والبر اسماً لفعل الخيرات)(3).
قال ابن رجب: (فـظـهـــر بذلك أنه لا طريق توصل إلى التقرب إلى الله - تعالى - وولايته ومحبته سوى طاعته التي شـرعـها على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فمن ادعى ولايته والتقرب إليه ومحبته بغير هذه الطريق تبين أنه كاذب في دعواه، كما كان المشركون يتقربون إلى الله - تعالى - بعبادة مــن يعبدون من دونه)(4). وقال ابن حجر: (المراد بولي الله المواظـب على طاعته، المخلص في عبادته)(5).
وأولياء الله على مرتبتين:
إحداهما: مرتبة من تقرب إلى الله بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين.
وثانيتهما: من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل، وهذه درجة السابقين المقربين، وقد ذكر الله تلكما الدرجتين ودليل الصنفين في سورة الواقعة والرحمن والإنسان والمطففين وفاطر(6) فقال: ((فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ)) [ الـواقـعــة: 8]. ثـم قـــــال: ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ)) [الواقعة: 10، 11].
والحاصل أن الولاية مرتبة في الدين عظيمة لا يبلغها إلا من قام بالدين ظاهراً وباطناً بفعل المأمورات وترك المنهيات؛ فهي درجة عالية لا يُصعد إليها إلا بسلّم الشريـعـــــة؛ بل من اعتقد ولاية من يترك الواجبات ويفعل المحرمات فهو كافر مرتد؛ لتكذيبه الآية(7).
والولاية لها جانبان: جانب يتعلق بالعبد: وهو القيام بالأوامر، واجتناب النواهـي، ثــم الـتـدرج فـي مـراقي العبودية بالنوافل، وجانب يتعلق بالرب - تعالى -: وهو محـبة هذا العبد ونصرته وتـثـبـيـتـه على الاستقامة، أما الكرامات فهي أمر إضافي وليست شـرطـاً في الولاية(8) - كما سيأتي -.
فضل الولاية والأولياء:
يـكـفـي الأولـيـاء مـا جاء في الآية من تولي الله لهم، ونصرتهم وتأييدهم ومعونتهم وإصلاح أحوالهم، وأنـه لا خوف عليهم مما أمامهم في الآخرة، ولا هم يحزنون على ما خلفهم من الدنيا، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هنيئاً لهم، يوفقهم الله بهدايته وتسديده، ويحوطهم بحمايته ونصرته. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحـــب إليّ مما افـتـرضــتـه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطـيـنه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)(9). (وهذا أصح حديث يروى في الأولياء)(10). وقد ذُكــر فــيــه المـقـتـصدون والسابقون، أما الظالم لنفسه بالإصرار على الذنوب فلا يكون ولياً حتى يتوب.
الولاية لا تستلزم العصمة:
الولي بَشَرٌ يجوز عليه ما يجوز على الناس من الغلط والسـهـــو والظن الخاطئ ونحو ذلك، ولا يقدح ذلك في ولايته خلاف ما زعمت الصوفية من أن الـقـلــب إذا كان محفوظاً كانت خواطره معـصـومة من الخطأ! فإنه ليس في النصوص ما يدل أو يشير إلى ذلك، بل نصوص الـشـريعة وإجـماع العلماء على خلاف ذلك، قال - تعالى -: ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـئـِـكَ هُمُ المُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْـــوَأََ الَـذِي عَمـِـلُـوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الزمر: 33 - 35]، فـأثــبـت لـهــؤلاء المـتـقـيـن المحسنين ذنـوباً، وأنه يغفرها لهم، ولم تكن تقواهم مستلزمة لعصمتهم من الذنوب.
وأيضاً: فـ (إن الله جـعل الحق على لسان عمر وقلبه)(11)، وهو من سادات الأولياء، ومع ذلك لم يكن يركن إلى ما يلقى في قلبه؛ بل يعرضه على الكتاب والسنة، ويدع ما خالفهما، وعلى هذا النهج مـشـى الركب. قال أبو سليمان الدارانـي: (إنه يقـع في قلبـي النكتة مـن نكت القـوم، فلا أقبلها إلا بشاهدين: الكتاب والسنة)(12).
وخطأ الولي في اجـتهاده العلمي ليس نقصاً في ولايته إذا كان ممن استفرغ جهده في البحث والاستدلال، وخـطـؤه مـغـفـور له، وهو مأجور غير مأزور. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا حـكـم الـحـاكم فأصاب فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)(13).
الولاية عند الصوفية:
اخـتــص الصـوفية بمفهوم آخــر للولاية؛ حيث زادوا على الحدّ الشرعي فقال أبو القاسم القشيري: (الـولـي له معنيان: أحدهما: فعيل بمعنى مفعول، وهو من يتولى الله - سبحانه - أمره. والثاني: فـعـيل، مبالغة من الفاعل، وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته، فعبادته تجري على التوالي من غـيـر أن يتخللها عصيان، وكلا الوصفين واجب حتى يكون الـولـي ولـيــاً)(14). وقــولــه هــذا تـأســيـس للقول بعصمة الولي. وعرفه الجرجاني بمثل تعريف الـقــشــيري، وقــال الـجـرجــانــي أيضاً: (الولاية هي: قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه)(15). وهذا يشير إلى الفناء أو الحلول.
ويمكن تلخيص انحرافات الصوفية - التي خالفوا بها الكتاب والسنة - في مفهوم الولي في نقاط عدة(16):
1- زعمهم أن الولي يتطور ويـتـشكل ويتواجد في أماكن مختلفة في آن واحد. قال الشعراني فـي تـرجـمة الشيخ حسين أبي علي: (كان هذا الشيخ من كُمّل العارفين وأصحاب الدوائر الكبرى، وكان كثير التطورات: تدخل عليه الأوقات تجده جندياً، ثم تدخل عليه فتجده سبعاً، ثم تدخل فتجده فيلاً، ثم تدخل عليه فتجده صبياً، وهكذا)(17).
2- أن مــــا يتخيله الولي ويتصوره في خياله فإنه يقع كما تخيّل. كما حكى الشعراني عما حصل للجوهري، حين غطس في البحر وتخيل أنه تزوج عراقية فأنجبت له أولاداً، فأتته بعد مدة بأولادها منه(18).
3- دعواهم عصمة الولي وأنه لا يجوز الإنكار عليه ولو خالف الشريعة. فقد نقل الشعراني عن علي الخواص قوله: (إياك أن تصغي لقول منكر على أحد من طائفة العلماء أو الفقراء، فتسقط من عـيـن رعــايــة الله - عز وجل -) ثم قال: (وإنما نهى القوم عن المنازعة؛ لأن علومهم مواجيد لا نقل فيها) ثم وصفها بكونها (وراثة نبوية)(19).
4- أن الولاية تكون بـــأيــدي الأولياء الكبار يهبونها لمن شاؤوا. يقول الدباغ: (يقدر الولي عـلـى أن يــكـلـم أحـداً في أذنــه، ولا يقوم عنه حتى يكون هو والولي في المعارف على حد سواء)(20). وهذا يبين وجهاً من مخالفتهم في كيفية اكتساب الولاية، كما قالوا باكتسابها بالتخلي والرياضة ونحو ذلك.
5- زعمهم أنـهـم يـقـابـلــون النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة، ويتلقون عنه التشريع، ويسألونه عن الحلال والحرام، وصحة الحديث وضعفه(21).
6- ادعاؤهم أن للـولايــة خـاتـمــــاً كما للنبوة خاتم، وهي فكرة صوفية اخترعها الحكيم الترمذي، وطورها الصوفية بـعـــده حـتـى جعلوا لكل زمان خاتماً، ومنهم من جعل لولاية الخصوص خاتماً، وخاتماً لولاية العموم، فلا ولي بعده!(22).
7- نسبتهم إلى الأولياء صفات الربوبية من علم الغيب، والتصرف في الكون. وانظر مثلاً ما حكاه الشعراني عن إبراهيم الجــعـبري من اطلاعه على خفايا من أحوال الناس(23). وقد حكى الشعراني عن الجعبري أنــه كان يُضْحِك ويُبْكِي من حوله إذا شاء، وأنه حبس بول ناس ثم أطلقه!(24). ونقل عن محمد الحضري أنه يقول: (الأرض بين يدي كالإناء الذي آكل منه، وأجساد الخلائق كالـقــواريـر أرى ما في بواطنهم)(25). ونقل عن الشربيني أنه كان يقول للعصا التي كانت معه: (كوني إنساناً فتكون إنساناً، ويرسلها تقضي الحوائج ثم تعود كما كانت)(26).
كرامات الأولياء:
تـعــد الــكـرامة نوعاً من خوارق العادات. والعادة هي: (الحالة المتكررة على نهج واحد، كعادة الحيض في المرأة)(27). وخـرق العادة إنمـا يكـون بتمزيقهـا ووقـوعـها علـى خلاف الحال المعهودة المألوفـة التي استقر وقوعهـا عليـه(28).
وخوارق العادات قد تـكـون باستغناء الإنسان عن الحاجات البشرية كالطعام والشراب بأن تحصل له بـســبـب غــير معتاد، أو تكون بأن يعلم شيئاً فيراه أو يسمعه، وليس في إمكان البشر سماعه أو رؤيته عادة، وهذا المسمى: الكشف أو المكاشفة، وقد تكون بحصول الأثــر في الأشياء مما ليس في قــدرة البشر فعله في العادة، كوجود ضوء من غير مصدره، ومن هذا إجابة الدعوة.
إن تـمــام الـغـنــى والعلم والقدرة - التي تكون الخوارق من جنسها - إنما هو لله - تعالى - وهو الذي يخرق العادة لمن شاء، ولذا نفاها نوح - عليه السلام - عن نفسه، وأمر الله نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- أن ينفيها عن نفسه، فقال - تعالى -: ((قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ)) [الأنعام: 50] (29).
كــمــا أن تــلـك الـخـــوارق مـنـهـا ما يكون محموداً إذا أعان صاحبه على البر والتقوى، كمعجزات الأنبياء وكرامات الصالحين لحجة في الدين أو حاجة بالمسلمين، ومنها ما يكون مذموماً حيث كان عوناً على الـظـلـم والفـجور، كخوارق السحرة والفجرة، وما لم يكن من هذا ولا ذاك كأن كان عوناً لصاحبه على قـضــاء حاجته فإنه المباح، ثم إن استُغل في خير أو شر صار محموداً أو مذموماً(30).
تعريف الكرامة:
الـكـرامــة لغة: مصدر (كَرُم)، أو اسم مصدر من (كرّم) أو (أكرم). و (الكاف والراء والميم: أصـــل صــحـيــح، لــه بـــابــان؛ أحدهما: شرف الشيء في نفسه، أو شرف في خلق من الأخلاق)(31). ويظهر أن الـكـرامـة من الباب الأول لشرفها في ذاتها، وصاحبها كريم من الباب الثاني لشرفه في خلُقه مـع الخالق - تعالى - ومع الخلق أيضاً. والكرامة من الكرم، وهو: ضد اللؤم ونقيضه(32)، والكرامة: اسم يوضع للإكرام، كما وضعت الطاعة في موضع الإطاعة(33).
أما اصطلاحاً: فلم ترد الكرامة بــهــذا اللفظ في الكتاب ولا السنة ولا كلام الصحابة، وقد سماها الله - عز وجل - آية، فــقــال بـعــد ذكر كرامة أهل الكهف في ازورار الشمس عن كـهـفـهـم المـفـتوح جهتها: ((ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)) [الكهف: 17] فهي آيات وبراهين على قـــدرة الله، ودالــة على كــرامة صاحبها وإنما سميت بهذا تمييزاً لها عن المعجزة، وهذا التفريق في اللفظ إنما قال به كثير من المتأخرين(34)، ثم شاع، وصار هو المقول به في عامة أقوال العلماء.
وحيث وجد الخارق للعادة نــظــرنــــا فيمن وقع له؛ فإن كان مؤمناً تقياً، وكان هذا الفعل الخارق مما يصلح ظهوره على يد الولي: عددنا ذلك كرامة، وعلى ذلك فيمكن تعريفها بأن يقال: هي (أمر خارق للعادة يجريــه الله على يد ولي - ليس بنبي -، علم الولي بذلك أم لا)(35)، ومنه يظهر أن شروط الكرامة هي:
1- وجود أمر خارق للعادة.
2- ظهورها على يد ولي، وإلا لم تكن كرامة، بل استدراجاً.
3- كون هذا الولي ليس نبياً.
4- كــون هــذا الـخــارق مما يـصـلـح أن يـكـون كرامة لولي، فلا يشتمل على معصية، أو باطل(36).
ولا يشترط عدم التحدي، ولا كونها لحجة أو حاجة(37)، ولا علم صاحبها بها.
الفرق بين الكرامة والمعجزة:
كرامات الأولياء من باب معجزات الأنـبـيـاء، والاختلاف بينهما في الدرجة، ويظهر الفرق بينهما في الأوجه الآتية:
الأول: الكرامة لا تصل إلى درجـــة مـعـجـزات الأنبياء، كما أن أصحابها - الأولياء - لا يصلون في الفضيلة والثواب درجـــــات الأنبياء؛ فللأنبياء معجزاتهم الكبرى التي لا يظهر مثلها على يد أحد من الأولياء أو الـشـيـاطـين، وهي من الأدلة على صدقهم، فلا يمكن أن تختلط بأحوال غيرهم، قال ابن تيمية - رحمه الله -: (فلا تبلغ كرامات أحد قط إلى مثل معجزات المرسلين)(38).
ولكن هناك خوارق أقل درجة تسمى صغرى، وهي من التوابع والنوافل، ولا يعتمد عليها استقلالاً في صدق الأنبياء، وهي التي يـجـوز أن يـظـهر مثلها على يد الأولياء كرامة لهم، ودلالة على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي تبعوه؛ فهذه الدرجة من المعجزات التي يحصل مثلها للإنس أو الجن لا تكون وحدها آيــة للنبي؛ فإن الله أيد نبوتهم بتلك المعجزات الكبرى التي لا يقدر عليها إنس ولا جن(39).
وهذه - بحمد الله - قاعدة واضحة للتمييز بين المعجزة والكرامة، يشهد لها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنـمــا كــان الــذي أوتــيـتــه وحــيـــاً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)(40). (والمعنى أن كل نبي أعطي آيــــة أو أكثر من شأن من يشاهدها من البشر أن يؤمن به لأجلها)(41).
وبهذا يتبين خطأ قول من قال بأن كل ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي(42).
الثاني: أن المعجزة تقع للنبي مقترنة بدعوى الـنـبــوة، وليست كذلك كرامة الولي.
الثالث: أن المعجزات من الدلائل على صدق النبي وتـأيــيـد الله له، وتأتي لحاجة الخلق وهدايتهم، وتحصل للأنبياء وهم عالمون بوقوعها، كما يــجـب عليهم إظهارها، خاصة إذا توقف إيمان الناس عليها، ولا يشترط كل ذلك في الكرامة.
الفرق بين الكرامات والأحوال الشيطانية:
وإذا اعتبرنا المعجزات والكرامات من باب واحد، وجعلنا الــنــبــوة أســاســاً للتفريق بين الكرامات والأحوال الشيطانية(43) سهل الأمر جداً، وتبين الفرق بينهما في الأمور الآتية:
1- أن الكرامات سببها الولاية الحقة لله - تعالى - وهي الإيمان والتقوى(44)، فلا عبرة بالخوارق بدون ذلك، إنما هي من الشيطان.
قال الشافـعي - رحمه الله -: (إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، أو يطير في الهواء، فلا تـغـتـروا بــه حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة)(45). ومن النكت المليحة لأبي يزيد البسطامي قوله: (لله خلق كثيرون، يمشون على الماء، لا قيمة لهم عند الله، ولو نظرتم إلى من أعطي من الكرامات حتى يطير، فلا تغتروا به، حتى تروا كيف هو عند الأمر والنهي وحفظ الحدود والشرع)(46).
2- أن الـكـرامـــات قائمة على الصدق، بخلاف تلك المخاريق المبنية على الكذب: ((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)) [الشعراء: 221، 222].
3- أن الـخـوارق الـشـيطـانية في حقيقتها هي تصرفات من جنس تصرفات الجن والإنس، تـفـعـلـهـا الشياطين في غيبة عن أعين الإنس؛ من نقل شيء أو قتل أو أذى ونحوه، وليس فـيـهــا تـحـويــــل جنس إلى جنس، ولا ما يختص الرب بالقدرة عليه، ولا ما تختص به الملائكة فأين هذا من تكثير الماء القليل، بحيث يفيض حتى يصير بذاته كثيراً(47).
4- أن الكرامات هبة من الله، أما الخوارق والأحوال الشيطانية فتحصل بالتعلم والرياضة ودعاء الجن والشياطين، والتقرب إليهم(48).
5- أن أولياء الله يحاولون إخــفــاء الكرامة، ولا يلتفتون إليها، ويعلمون أنها نعمة يجب شكرها، ويخشون أن تكون ابتلاء لا يثـبـتـون فـيه، ومن كان هذا حاله فلا يتصور منه أن يجعل الكرامات ميدان منافسة، فيسعى إلى إبـراز كرامـاتـه، وإبـطال كرامـات غيـره.. وأصحـاب الأحـوال الشيطانية علـى خلاف هـذا تمـامـاً، بـل لا يظهرونها - غالباً - إلا في حضرة الناس، ويتحدى بعضهم بعضاً فيها، بغرض إبراز المهارات في الخديعة والمكر، فيقع بينها من التعارض الشيء الكثير(49).
6- أن كرامات الأولياء أمر ثابت في النصوص الــشـرعـية وواقع الصالحين، بخلاف تلك الأحوال الإبليسية التي يُبطل أثرها الذكر والقرآن. وشــتــان بـين ما يخنس بتلاوة القرآن ويبطل أثره أو يضعف، وبين ما يقويه القرآن، ويزيده نوراً(50)!
الإلهام والفراسة من كرامات الأولياء:
الإلهام لغة:
(يدل على ابتلاع شيء ومن هذا الباب: الإلهام، كأنه شيء ألقي في الروع فالتهمه، قـــال الله - تعالى -: ((فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)) [الشمس: 8])(51) والإلهام: (إيقاع شـيء في القلب، يطمئن له الصدر، يخص الله به بعض أصفيائه)(52).
والمـلـهـم هــو: المحدّث، المُفْهَم، الذي يصدق ظنه في الأشياء، تتكلم الملائكة على لسانه، فـيـجــري عـلـيـه الـصــواب من غـيـر قـصـد منه، ويطلق على ذلك المكاشفة. و (المكاشفة الصحيحة: علوم يحدثها الرب - سبحانه وتـعـالى - في قلب العبد، ويطلع بها على أمور تخفى على غيره، وقد يواليها، وقد يمسكها عنه بالغفلة عنها)(53).
دلــيــل الإلهام: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لقد كان فيمن قبلكم ناس محدّثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر)(54).
ولا يعدو الإلـهــام أن يكون فتحاً من الله - تعالى - على عبد من عباده المؤمنين بما يوافق الحق الذي أنــزلـــه في كتابه وعلى لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-، كالرؤيا الصالحة فيها كشف للنائم، وإطْلاع له على شيء مما لم يقع بعد. مصداقه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لم يـبـق مــن الـنـبـوة إلا الـمـبشرات) قالوا: وما المبشرات؟ قال: (الرؤيــا الصالحة)(55).
والإلهام - على منزلته - لا يمكن أن يكون مكملاً لنقص في الدين، أو محدِثاً لحكم جديد فيه، كما هو الحال تماماً بالنسبة للرؤيا؛ فـإن من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- فـي المنام فأمره بأمر وجب عليه أن يعرضه على الــشـــرع؛ لأن (كل من كان من أهل الخطاب والمكاشــفة لم يكن أفضل من عمر، فعليه أن يسلك سبيله في الاعتصام بالكتاب والسنة تبعاً لـمــا جــاء به الرسـول -صلى الله عليه وسلم-، لا يجعل مـا جـاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- تبعاً لما ورد عليـه)(56).
ومن الإلـهــام: مـــا وقع للصديق - رضي الله عنه - في موقفه يوم قتال أهل الردة، حين خالفه كثير من الـصـحـابـة، فقال: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حـق الـمــال، والله لو منعوني عَناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها)(57)، حتى شرح الله صدور أصحابه لما أراه من الحق، ومنها: تسيير جيش أسامة الذي عقده النبي -صلى الله عليه وسلم- قبيل وفاته.
وقال عمر - رضي الله عنه -: (وافقت الله في ثلاث، - أو وافقني ربي في ثلاث - قلت: يا رسول الله! لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فـلـــو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني مـعـاتـبة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض نسائه، فدخلتُ عليهن، قلت: إن انتهيتن، أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن، حتى أتيتُ إحدى نسائه قالت: يا عمر! أما في رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: ((عَسَـى رَبُّـهُ إن طَـلَّـقَـكُــنَّ أَن يُـبْـدِلَــهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُـنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ...)) [التحريم: 5])(58). ومن إلهاماته: اختياره قتل أسارى بدر.
ب - الفراسة:
يراد بالفراسة في اللغة معنى ذا جانبين؛ أحدهما أخص من الآخر، وهما:
1- المعرفة بالأمور، والخبرة بالأحوال، من خلال النظر المحكم فيها.
2- المهارة في تعرف بواطن الأمور من ظواهرها(59).
ويمكن تعريف الفراسة في الاصطلاح بأنها: نور يقذفه الله في قلب عبده المؤمن الملتزم سنة نـبـيــه -صلى الله عليه وسلم-، يكشف له بعض ما خفي على غيره، مستدلاً عليه بظاهر الأمر، فيسدد في رأيه، دون أن يستغني بذلك عن الشرع.
والفراسة المقصودة هنا الفراسة الإيمانية، وهي غير فراسة الرياضة، والفراسة الخلقية، بل هي (على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيماناً فهو أحدّ فـراســـة)(60) (فـمـن غـرس الإيــمــــان في أرض قـلـبــه الطيبة الزاكية، وسقـى ذلك الغـراس بماء الإخلاص والصدق والمتابعة، كان من بعض ثمره هـذه الفراسة)(61).
والسبب أن (هذه الفراسة نشأت له من قربه من الله - تعالى - فإن القلب إذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله بحسب قربه مـنــه، وأضاء له من النور بقدر قربه، فرأى في ذلك ما لم يره البعيد والمحجوب) كما ثبت في حـديــث الأولياء، (وليس هذا من علم الغيب، بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب منه)(62).
وللفراسة من الفوائد:
1- الانتفاع بالمواعظ، والاســتـفـادة من الحوادث والعبر، قال - تعالى - بعد أن ذكر قصة إهــلاك قــوم لوط -: ((إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)) [الحجر: 75] أي: الـنــاظــريـن المتفرسين المتفكرين المعتبرين.
2- دقة الحـكـــم بين الناس وخاصة من القضاة، وحفظ الحقوق، وتحقيق المصالح العامة، التي يهدف الشرع إلى تحقيقها(63).
3- تولية الأكفاء في رعاية مصالح الأمة.
4- توقع الأحداث قبل وقوعها، فتؤخذ لها العدة والحيطة، فتُتّقى الشرور وتدفع المفاسد.
ومن الفراسة: ما وقع لعمر حين (دخل عليه نفر من مذحج، فيهم الأشتر النخعي، فصعّد فيه البصر وصوبه وقال: أيهم هذا؟ قالوا: مالك بن الحارث، فقال: ما له قاتله الله؟ إني لأرى للمسلمين مـنـه يـومـــاً عصيباً. وهذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دخل عليه رجل من الصحابة وقد رأى امرأة في الطريق فتأمل محاسنها، فقال له عثمان: يدخل عليّ أحدكم وأثر الزنى ظاهر علـى عــيـنـيــه؟! فقلت: أوَحيٌ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة)(64).
الهوامش :
(1) معجم مقاييس اللغة، 6/141، وانظر: القاموس المحيط، ص 1732، ومختـار الصـحاح، ص 736. (الصاحـب الأولى بمعنى المالك، والصاحب الأخرى بمعنى الرفيق).
(2) مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، ص 885.
(3) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي، ص 120.
(4) جامع العلوم والحكم، 2/336.
(5) فتح الباري، 11/342.
(6) انظر: جامع العلوم والحكم، 2/335 ـ 337، وانظر الفرقان، ص 22.
(7) انظر: أولياء الله عقلاء ليسوا مجانين، لابن تيمية: 21، 22.
(8) انظر: مقدمة تحقيق كرامات أولياء الله للالكائي، لأحمد سعد حمدان، ص 7.
(9) رواه البخاري، الفتح، 11/348 ـ 349.
(10) الفرقان، ص 9، 30.
(11) الحديث رواه الترمذي، ح/3682، وهو صحيح.
(12) انظر: الفرقان، ص 48 ـ 59، وما بعدها.
(13) أخرجه البخاري، ح/7352.
(14) الرسالة القشيرية: 520 ـ 521، وانظر: 667.
(15) التعريفات، ص 310.
(16) انظر: تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي، محمد أحمد لوح: 1/ 55 ـ 93.
(17) الطبقات الكبرى، 2/87.
(18) المرجع السابق. 
(19) الطبقات الكبرى، 1/10.
(20) الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز، لأحمد بن المبارك، 175، نقلاً عن تقديس الأشخاص، 1/75.
(21) انظر: الطبقات الكبرى في ترجمة أبو المواهب الشاذلي؛ حيث ذكر له لقاءات كثيرة، 2/67 ـ 81، 75.
(22) انظر: تقديس الأشخاص، 1/79، وما بعدها.
(23) المرجع السابق، 1/203، 204.
(24) المرجع السابق.
(25) المرجع السابق، 2/107.
(26) المرجع السابق، 2/136.
(27) المعجم الوسيط، ص 635. 
(28) انظر: النبوات، لابن تيمية، 34، 35.
(29) انظر: الصفدية: 183، وقاعدة في المعجزة من الكرامات: 8، كلاهما لابن تيمية، وشرح الطحاوية لابن أبي العز: 2/746.
(30) انظر: النبوات: 27، 28، وشرح الطحاوية: 2/747.
(31) انظر: معجم مقاييس اللغة (كرم).
(32) انظر: القاموس المحيط (كرم).
(33) انظر: لسان العرب، مادة (كرم).
(34) انظر: النبوات، ص 15، وقاعدة في المعجزات والكرامات، ص 7.
(35) تعريف مقتبس من كتاب: تقديس الأشخاص، محمد أحمد لوح، 2/278، 288.
(36) انظر: الموافقات للشاطبي: 2/278.
(37) انظر: النبوات، ص 18، 19، وشرح الواسطية، لهراس، 168، والفتاوى، 11/274.
(38) النبوات، ص 4.
(39) انظر: النبوات، ص 333، 335، والموافقات للشاطبي: 2/259، 262.
(40) رواه البخاري، ح/4981، (الفتح، 8/618).
(41) النبوات، ص 4.
(42) وهم عموم الأشاعرة، كما سيأتي.
(43) كما فعل ابن تيمية - رحمه الله -، انظر: موقف ابن تيمية من التصوف، د. أحمد بناني، 232.
(44) انظر: الموافقات: 2/272. والنبوات، ص 20.
(45) تفسير ابن كثير، قاعدة في المعجزات والكرامات.
(46) سير أعلام النبلاء، 13، 88، والحلية: 10/40.
(47) انظر: النبوات، ص 20 ـ 23.
(48) انظر: تقديس الأشخاص، 2/283.
(49) انظر: السابق، 2/283، والفتاوى، 11/295.
(50) انظر: تقديس الأشخاص، محمد أحمد لوح، ص 285.
(51) معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، مادة (لهم)، 5/217..
(52) المعجم الوسيط، لعدة مؤلفين، مادة (لهم) 2/742.
(53) مدارج السالكين، 3/233.
(54) رواه البخاري، ح/3689.
(55) رواه البخاري، ح/6990.
(56) ابن تيمية، في الفتاوى، 13/74، وانظر: الموافقات: 2/272.
(57) أخرجه البخاري، ح/6925. والعناق: الأنثى من ولد المعز. وهي السخلة.
(58) رواه البخاري، ح/4483.
(59) انظر: المعجم الوسيط، مادة (فرس)، 2/681.
(60) مدارج السالكين، 2/504.
(61) انظر: السابق، 2/515.
(62) الروح لابن القيم، ص 532. 
(63) انظر: الطرق الحكمية، لابن القيم: 32، 33، 37.
(64) الروح، لابن القيم، ص 532 ـ 537، وانظر: هذه الأمثلة وغيرها كثير في: الطرق الحكمية، ص 33 وما بعدها




كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم
(2-2)
عبد اللطيف بن محمد الحسن
فـي الحلقة الأولى: تقدم الكلام عن مفهوم الولاية والأولياء بين أهــل الـسـنـة والمـتصوفة، ومفهوم الخوارق والـكـرامــــات وما تتميز به عن الأحوال الشيطانية، ثم الإلهام والفراسة والرؤى.
وتـمــام الحـديـث: شــــرح موقف أهل السنة والجماعة من الكرامات مُدعَّماً ببعض الأدلة والأمثلة والضوابط والفوائــــد، وتبع ذلك ذكر مواقف المخالفين من المنكرين للكرامات، أو المتوسعين فيها المتفلتين من الضوابط الشرعية.
عقيدة أهل السنة في الكرامات:
من عاد إلى كتب أهل السنة وجـــــد موقفهم من الكرامة وسطاً بين إنكار الجافين، وتوسع الغالين. قال الطحاوي عن الأولياء: "ونـؤمـــــن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم"(1). وقال ابن تيمية: "ومن أصول أهـــــــل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة"(2).
و "لقد تواترت نصوص الكتاب والسنة والوقائع قديـمــــــاً وحديثاً على وقوع كرامات الله لأوليائه المتبعين لأنبيائه"(3) والأدلة كثيرة. منها: ما ذكـره الله من مجيء الرزق لمريم؛ لا من بشر، وكذا إنبات الرطب وإجراء النهر لها؛ ولم يكن شـيء منها قبل ذلك، ومنها: ازورار الشمس عن أهل الكهف، فلا تصيبهم مع أنهم في مـكـان مـنفـتــح انفـتاحـاً واسعاً، ومنها: ما وقع لسارة ـ رضي الله عنها ـ من حملها بإسحاق في سن اليأس، ومنها: إحضار الذي عنده علم من الكتاب عرش بلقيس إلى سليمان ـ عليه السلام ـ (4) وكذا: كـــفّ يــد الظالم عن سارة، ومنها: نجاة أصحاب الغار من الصخرة التي انطبقت عليهم، ومنها: تـكـلُّـم الـغــلام فـي الـمـهـد، ومنها: عجز الملك عن قتل الغلام حتى قال: بسم الله رب الغلام(5).
ومـــــن الكرامات الواقعة للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ: أن عبد الله بن حرام والد جابر ـ رضي الله عـنهـما ـ توقّع مقتله في أول من يقتل يوم أحد، فحصل ذلك ودفن مع عمرو بن الجموح ـ رضي الله عـنـهـما ـ فأخرجه جابر بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم دُفن غير أذنه، ثم دفنه في قبر وحده(6).
وعن أنس أن رجلين من أصـحـــاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله(7).
ضوابط قبول الكرامة:
أ - ضابط عام في الكرامات:
ليس من منهج الإسلام التعويل على الكرامات، وجعلها شرطاً للإيمان؛ فقد عاب الله على المشركين لما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم آيات خارقة، فقال - تعالى -: وقالوا لن نؤمن لك حتى" تفجر لنا من الأرض يـنـبـوعـــــا [الإسراء: 90]، إلى قوله - تعالى -: قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا [الإسراء: 93] فقد كانت معجزاته صلى الله علـيــه وسلم معتمدة على الحجة والبرهان، وأجلُّها القرآن الكريم أعظم معجزة أعطيت لنبي،وهي أنفع المعجزات.
ولذا كانت حياته صلى الله علـيـه وسلم تجري موافقة للمألوف جرياً على العادة مع كونه أعـظــم الـخـلـق وأشــرفـهـم -صلىاللهعليهوسلم-؛ فكان يأخذ بالأسباب كما فعل يوم الهجرة(8). وهذه خاصية الدين والمنهج الذي يصلح للبقاء، خلافاً لما يظنه كثير من الناس من أن الأولياء يجب أن يتصرفوا في هذا الكون ويُعْطَوا مفاتيحه!(9).
ب - ضوابط من تقع له الكرامات:
أولاً: أن يكون من وقعت له من عـبــاد الله المؤمنين. "فمن لم يكن له مصدقاً فيما أخبر به ملتزماً طاعته فيما أوجب وأمر به في الأمور الباطنة التي في القلوب والأعمال الظاهرة التي على الأبدان لم يكن مؤمناً فضلاً عـن أن يكون ولياً لله، ولو حصل له من خوارق العادة ما عسى أن يحصل؛ فإنه لا يكون مع تركه لفعل المأمور وترك المحظور - من أداء الواجبات من الصلاة وغيرها بطهارتها وواجباتها - إلا من أهل الأحوال الشيطانية المبعدة لصاحبها عن الله المقربة إلى سخطه وعذابه"(10).
ثانياً: أن لا يجزم في كل خارق يحصل له أنه كرامـة؛ بل الواجب عليه أن يعرض أقواله وأفعاله على الكتاب والسنة، فإن كـانـت مـوافـقـة لها فهي حق وصدق وكرامة من الله - سبحانه - وإن كانت مخالفة لشيء من ذلك فليعلم أنــــه مخدوع ممكور به، قد طمع منه الشيطان فلبَّس عليه"(11).
ثالثاً: أن لا يـدعــــي صاحبها الولاية؛ لتعذر الجزم بقبول العمل، كما وصف الله - عز وجل - حال أوليائه المؤمنين المتقين، فقال: والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى" ربهم راجعون [ الـمـؤمنون: 60]. وقد سألت عائشة - رضي الله عنها - النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيــة فقالت: أَهُمُ الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: "لا، يا بنت الصديق؛ ولكنهم الذين يـصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يُقبَل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات"(12). ثم إن في ادعاء الولاية تزكية للنفس وذلك منافٍ لحال الولاية.
رابعاً: أن لا تكون الكرامة غايته، يطلبها ويسعى في حصولها؛ فهو خلاف حال السلف.
ج - ضوابط الكرامة ذاتها:
أولاً: أن لا تشتمل الكرامة على ترك شيء من الواجبات، أو فعل شيء من المحرمات، أو التزام شيء من العبادات لم يرد فيه نص شرعي؛ وذلك لأن الولي إنما نال الكرامة بطاعته وإيمانه؛ فلا يمكن بحال أن تكون تلك الكرامة سبباً لتركه شيئاً مما نــالـهــا بــه، ثـم إن المحرَّم خبيث، والله لا يكرم عبده بخبيث؛ كـمـا أن مـن دلائـل الـولايــة الـوقـوف عند النصوص الشرعية فلا يكون ولياً لله من أحدث في دين الله - تعالى - ما ليس منه.
قال ابن الجوزي - رحمه الله: "وقد لبَّس إبليس على قوم من المتأخرين فوضعوا حكايات في كرامات الأولياء ليشيدوا - بزعمهم - أمر القوم؛ والحق لا يحتاج لتشييد بباطل" ثم سـاق قصـة تُروى عن سهل بن عبد الله فيها أن أحد الأولياء اشترط عليه أن يرمي ما معه مـن الــزاد حـتـى يعطيه نور الولاية فتكون له خوارق العادات، ففعل، إلى أن قال سهل: فـغـشـيـنـي نــور الـولايـة! ثم علَّق ابن الجوزي بقوله: "ويدل على أنها حكاية موضوعة قولهم: (اطَّرِحْ ما معك)؛ لأن الأولياء لا يخالفون الشرع، والشرع نهى عن إضاعة المال" (13) كما أمر بفعل الأسباب.
ومثال ذلك أيضاً: من تحمله الجن فيحج مع الناس بلا إحرام ولا مرور بميقات.. خداعاً من الجن له.
ثانياً: ألا تـشتتمل على ما عُلِم في الشريعة عدم وقوعه، كدعوى لقيا النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، وكـأن يــرى شخصاً على صورة نبي أو ملك أو صالح يقول له: قد أبحت لك الحرام، وأحللت لك الحلال، أو أسقطت عنك التكاليف.
قال الشاطبي: "مخـالـفـة الـخـوارق للشريعة دليل على بطلانها في نفسها، وذلك أنها قد تكون في ظواهرها كالكرامات، ولـيـس كذلك؛ بل من أعمال الشيطان. كما يُحكى عن عبد القادر الجيلاني أنه عطش عطشاً شديداً، فإذا سحابة قد أقبلت وأمطرت عليه شبه الرذاذ حتى شرب، ثم نودي من سحابة: "يا فلان! أنا ربك، وقد أحللت لك المحرمات" فقال له: "اذهب يا لعين". فاضمحلت السحابة. وقيل له: بِمَ عرفت أنه إبليس؟ قال: بقوله: "قد أحللت لك المحرمات". هذا وأشـبـاهــه لــو لـم يـكـن الشرع حَكَماً فيه لما عرف أنها شيطانية"(14).
ثالثاً: ألا يستعين بالكرامة على معصية الله - عز وجل - فــإن أكــمـــل الكرامات ما كان معيناً على طاعة الله - عز وجل - أما الكرامة والكشف والتأثير إن "لم يكن فيه فائدة ـ كالاطّلاع على سيئات العباد، وركوب السبـاع لغـير حاجـة، والاجــتـمــاع بـالـجـن لغـير فائـدة، والمشـي علـى الماء مع إمكـان العبــور علــى الجســر ـ فهــذا لا منفعة فيه لا فـي الدنيا ولا في الآخرة، وهو بمنزلة العبث واللعب"(15).
رابعاً: ثبوتها: قال الطحاوي: "ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصـح عن الـثـقــات مـــن رواياتهم"(16). وقد يتعسر ذلك كثيراً بعد انقطاع عصر الرواية، ولقلة من يعتمد عليه فـي نقل الأخبار في الأعصر المتأخرة.
فوائد الكرامة:
الفائدة الأولى: دلالتها على قدرة الله وكمال مشيئته وعلى كمال علمه وكمال غناه.
الثانية: أن وقوع الكرامات للأولياء في الحقيقة معجزات للأنبياء، والمعجزات فيها دعوة للإيمان، والكرامات تدل على صحة الدين الذي جاء به الرسل(17).
الثالثة: أن الكرامات من البشرى المعجلة في الدنيا المذكورة في آية الأولياء: لهم البشرى" في الحياة الدنيا [يونس:64]. وهي "كل أمر يدل على ولايتهم وحسن عاقبتهم، ومن ذلك الكرامات"(18).
الرابعة: تقوية إيمان العبد وتثبيته، قال الله - تعالى -: إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ... [الأنفال: 12] ولهذا قلَّت الكرامات في عهد الصحابة، وكثرت بعدهم؛ وذلك لقوة إيمانهم، وضعف من بعدهم بالنسبة إليهم، وذلك أن الصحابة شاهدوا التنزيل وعايشوا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بعدهم آمن بالغيب فاحتاج إلى شيء يزيد يقينه(19).
الخامسة: إقامة الحجة على العدو، كما حصل لخالد - رضي الله عنه - في شرب السم، وكـقـصــة أبـي مـسلـم الخولاني(20). وفي هذا نصرة لدين الله ورفعة لكلمته إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، كما حصل لأصحاب الكهف.
السادسة: إكرام من الله - تعالى - لعباده لصلاحهم وقوة إيمانهم، كما حصل لمريم من الرزق(21).
السابعة: قضاء حاجة صاحب الكرامة أو حاجة غيره، وإنقاذه أو إنقاذ غيره، كما حصل لسعد - رضي الله عنه - في قصة مرورهم على الماء، وكما حصل لسارية حيث نُجِّي الجيش عامة، وليس هو وحده.
الثامنة: ابتلاء من وقعت له الكرامة أيشكر أم يكفر؟ أيتواضع لله أم يغتر بعمله فيهلك؟
التاسعة: في وقوع الكرامة لناس دون آخرين ابتلاء لمن لم تقع لهم: هل الكرامة غايتهم من الاستقامة؟ وهل يثبتون بلا كرامة أم يتزعزع إيمانهم؟
العمل بمقـتـضـى الكرامات:
من فوائد الكشف والإلهام والـفـراسـة والــرؤى - وهــي من الكرامات -: تحصيل الخير وتوقي الشر قبل وقوعه.
وشرط ذلك: ألا يعارض العملُ - بناءً عليها - حكماً شرعياً ولا قاعدة دينية، ومثاله: لو شهد شاهدان عدلان في أمر، فرأى القاضــي في منامه النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: (لا تحكـم بهــذه الشهـــادة؛ فإنها باطل)، فإنـــه لا يجوز له العمل بمقتضى هذه الرؤيا؛ لأنها تهدم قواعد الشريعة. وكذا: لو حصلت له مكاشفة بأن الماء الذي يريد الوضوء به مغصوب أو نجس، فإنه لا يتركه ويتيمم؛ لأن فتح هذا الباب يبطل العمل بالظاهر، ويلغي الشريعة.
وقد ذكر الشاطبي - رحمه الله - أوجهاً مما يسوغ العمل بالخوارق على وفقها، منها:
1- أن يكون في أمر مباح، كأن يرى رؤيا بأن فلاناً سيأتيه في وقت ما، فيتأهب لاستقباله، لكن لا يعامله إلا بما هو مشروع.
2- أن يـكـون الـعـمـل عليها لفائدة يرجو نجاحها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه يراهم من وراء ظهره؛ لفائدة إقامة الصفوف، وأخرى هي تقوية إيمان من سمعه.
3 - أن يكون فيه تحذير أو تبشير ليستعد ويتأهب.
وقال: "إنما ذكرت هذه الأوجه الثلاثة لتكون مثالاً يحتذى حذوه، وينظر في هذا المجال إلى جهته"(22).
أعظم الكرامة لزوم الاستقامة:
ليس وقوع الخارق أمراً لازماً للولي، فكم من الأولياء الصادقين - من الصحابة فمن بعدهم - قلم تقع لهم خوارق! وكم من السحرة والمبطلين من وقعت لهم الخوارق!
ولا شك أن الخوارق ابتلاء للعبد من جنس النعم، وليس حصولها برهاناً على فضل الرجل عـنـد الله، ولا عدمها دليلاً على هوانه. قال الله - تعالى -:(( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن .كلا )) [الفجر:15 - 17].
لـكـن الكرامة الحقة - التي بها نجاة العبد - إنما هي استقامته على أمر الله - عز وجل - حتى يأتيه اليقين.
قيل لأبي محمد المرتعش: "فلان يمشي على الماء! قال: عندي أن من مكّنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم ممن يمشي على الماء!"(23).
قال ابن أبي العز الحنفي - رحمه الله : "قال أبو علي الجوزجاني: كن طالباً للاستقامة لا طالباً للكرامة؛ فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك الاستقامة. قال الشيخ السُهروردي في عـوارفـه: وهــذا أصــل كـبـيـر في الباب؛ فإن كثيراً من المجتهدين المتعبدين سمعوا عن سلف الصالحين الـمـتـقـدمـيـن ومـــا مُنحوا به من الكرامات وخوارق العادات؛ فنفوسهم لا تزال تتطلع إلى شيء من ذلك، ويحبون أن يرزقوا شيئاً منه، ولعل أحدهم يبقى متهماً لنفسه في صحة عمله؛ حيث لم يحصل له خارق(24)، ولو علموا بسر ذلك، لهان عليهم الأمر، فيُعلم أن الله يفتح على بعض المجاهدين الصادقين من ذلك باباً. والحكمة فيه أن يزداد بما يرى من خوارق العادات وأمارة القدرة يقيناً، فيقوى عزمه على الزهد في الدنيا والخروج عن دواعي الهوى، فسبيل الصادق مطالبة النفس بالاستقامة؛ فهي كل الكرامة"(25).
ولا شــك أن مــن أعـظـم الـكـرامـــات: مـا أكرم الله به سلف الأمة وعلماءها والمجددين والمصلحين فيها؛ حيث بارك في أوقاتهم، وأعــمـارهم، وأعمالهم؛ فكتب بعضهم ما يعجز غيره على نسخه في مدة عمره(26)، وكان لعلومهم من الأثر ما نراه إلى يومنا هذا، وكتب الله لها البقاء والنماء، وكم كان للمصلحين من الأثر، وكم يترتب على مواقفهم الحميدة من آثار تجنيها الأمة طيلة سنين أو قرون! وتأمّل قوله - تعالى - في فضل من آتاهم العلم: (( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) [البقرة: 269]. فـأيـن هـذا مـمـن تـكـون كـرامته: الإكرام بمال، أو طعام، أو كشف في حادثة، أو قدرة على أمر؟!
ومن أوجه تفضيل الاستقامة على الكرامة:
1 - أن الدين لا يُنال إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واختصاصه به يفضله على بقية الخوارق.
2 - أن الدين لا يعمل به إلا المؤمنون، أما الخوارق فإنها لهم ولغيرهم.
3 - أن العلم بالدين والعمل به ينفع صاحبه ولا يضره، وقد يقع له من حصول الخارق مضرة من عُجْبٍ ونحوه.
4 - أنه يدفع مضرة الدنيا والآخرة من غير حاجة إلى كشف.
5 - أن الكشف والتأثير قد يكون فيه فائدة وقد لا يكون.
6 - أن الدين إذا صح أوجب خرق العادة إذا احتاج إليه صاحبه؛ لقول الله - تعالى -: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب ...)) [الطلاق: 2، 3].
7 - أن الدين هو إقامة حق العبودية، وهو فعل ما وجب عليك، وأما الخوارق فهي من حق الربوبية؛ إذ لم يؤمر العبد بتحصيلها وفعلها(27).
المخالفون لأهل السنة في الكرامات:
وهم فئتان: متوسعون في إثبات الكرامة، ومنكرون لوقوع ما سوى المعجزات. فأما المتوسعون فهم: الأشاعرة والماتريدية والصوفية والرافضة.
الأشاعرة والماتريدية:
خالف الأشاعرة أهل السنة في بعض تفاصيل مسائل النبوات والمعجزات والكرامات. ومن ذلك: "قولهم: إن كرامات الأولياء ليست من آيات الأنبياء" وهذا راجع إلى مذهبهم "في شروط المعجزة؛ حيث جعلوا منها: أن تقارن دعوى النبوة، وهذا مخالف لمذهب الجمهور الذين جعلوها من آيات الأنبياء؛ لأنها مستلزمة لنبوتهم وتصديقهم فيها، ولولا تصديقهم للأنبياء واتباعهم لهم، لم تكن لهم كرامات"(28).
وزعم الباقلاني أن "الخوارق تدل على الولاية بالإجماع، مع تجويزه ظهورها فيه على أيدي الكفرة والسحرة. وهذا تناقض"(29).
ومما غلط فيه الأشاعرة والماتريدية(30): زعمهم: أن كل ما وقع معجزة لنبي جاز وقوعه كرامة لولي(31)، وهذا توسع في إثبات الكرامة، وهو مردود بكون "معجزات الأنبياء التي هي دليل صدقهم لا يجوز أن يأتي بها أحد غيرهم لا من المخالفين، ولا من الموافقين؛ لأن المعنى في إعجازها أنها لا تتكرر لغيره ممن ليس في منزلته؛ لأنها إذا أتت على يد غيره لا تصلح أن تكون شاهدة على صدقه هو فقط؛ لأن أساس هذه الشهادة هو عجز غيره عن الإتيان بمثل ما أتى به حتى تبقى حاملة أسرار الإعجاز كلها"(32).
الصوفية والكرامات:
غلا الصوفية في أمر الخوارق، فشرَّقوا فيها وغرَّبوا، ولعل أهم ما يميزهم عن أهل السنة - في هذا الباب - أمور أهمها(33):
أولاً: اعتبار الخوارق معياراً للولاية، وأن من لا كرامة له لا ولاية له. قال الشعراني في ترجمة محمد الغمري عن قوله: "وكان سيدي أحمد لا يأذن قط لفقير [لمريد أو صوفي[ أن يجلس على سجاده إلا إن ظهرت له كرامة"(34).
ثانياً: الشغف بالخوارق، وتفسير كل خارق أو أمر غريب بأنه كرامة حتى صارت همهم، قال ابن الجوزي: "عن إبراهيم الـخـراساني أنه قال: احتجت يوماً إلى الوضوء، فإذا أنا بكوز من جوهر، وسواك من فضة رأسه ألين من الخز، فاستكت بالسواك، وتوضأت بالماء، وتـركـتـهـمـا وانصرفـت" ثـم عـلـق عليها ابن الجوزي فقال: "في هذه الحكاية من لا يوثق بروايته، فإن صحت دلت على قلة علم هذا الرجل؛ إذ لو كان يفهم الفقه علم أن استعمال السواك الفضة لا يجوز؛ ولكن قلَّ علمه فاستعمله، وإن ظن أنه كرامة، والله - تعالى - لا يكرم بما يمنع من استعماله شرعاً"(35).
ثالثاً: لما جعل الصوفية الكرامة أساس الولاية حرصوا على جمع الكرامات لمن ادعوا لهم الولاية، وتعدى الأمر إلى الاختلاق والكذب، ومما نسجوه ما ذكره الشعراني عن أبي بكر البطائحي أنــه "أول من ألبسه أبــو بكر الصديق - رضي الله عنه - الخرقة ثوباً وطاقية في النوم، فاستيقظ فوجدهما عليه، وكان يقول: أخذت من ربي - عز وجل - عهداً أن لا تحرق النار جسداً دخل تربتي، ويقال: إنها ما دخلها سمك ولا لحم قط فأنضجته النار أبداً"(36).
وكأن الـكـذب بــدأ فيهم من قديم، فتنبه له بعض كبارهم؛ فقد قيل لرابعة العدوية: "يا عمة! لِمَ لا تأذنين لـلـنــاس يدخلون عليك؟ قالت: وما أرجو من الناس؟ إن أتوني حكوا عني ما لم أفعل. ثم قالت: يبلغني أنهم يقولون: إني أجد الدراهم تحت مصلاي، ويطبخ لي القدر بغير نار، ولو رأيت مثل هذا فزعت منه" قيل لها: إن الناس يكثرون فيك القول، يقولون: إن رابعة تصيب في منزلها الطعام والشراب؛ فهل تجدين شيئاً فيه؟ قالت: يا بنت أخي! لو وجدت في منزلي شيئاً ما مسسته، ولا وضعت يدي عليه"(37).
رابعاً: كرامات الصوفية وخوارقهم كما أنها لا مكان لها عند العقلاء، فإنها لا كرامة لها عند العلماء بشريعة الله - عز وجل - وكم في كراماتهم المحكية من معارضات ومخالفات للشريعة المحمدية! ومن ذلك: أن أحدهم كان يتشوش من قول المؤذن: الله أكبر فيرجمه، ويقول: عليك يا كلب، نحن كفرنا يا مسلمون حتى تكبروا علينا؟!(38).
أما ما يذكرونه عن بعض من يذكرون بالخير من الشطحات والأحوال المُنْكَرَةِ، فإن الواجب التثبت منه؛ لعدم الثقة في نقلهم، وما ثبت منه فإن منه ما يكون عوارض تعرض لهم بسبب بعض أعمالهم؛ فإن من خلط في عمله اختلطت خوارقه، ولهذا أمرنا أن نقول كل صلاة: اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة: 6] (39).
الرافضة والكرامات:
يفضل غلاة الرافضة أئمتهم على الأنبياء، ثم صار ذلك من أصول الشيعة الاثني عشرية(40).
ويرى الرافضة أن خوارق الأولياء "معجزات لإثبات الإمامة وإقامة الحجة"، وأنها ليست من قبيل الكرامات بل هي كمعجزات الأنبياء أو أعظم، وقد بوَّب صاحب كتاب بحار الأنوار لهذا المعنى باباً بعنوان: "إنهم يقدرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء". وأورد فيه جملة من أحاديثهم(41).
"وللقوم ولع غريب وتعلق عجيب بسرد الحكايات وغرائب الأساطير التي هي أحياناً أشبه بعمل السحرة والمشعوذين، وحيناً هي من ضروب الخيال، وغرائب الأحلام. وهذه المعجزات لا تزال تتولد عند الشيعة وتتجدد"(42).
المنكرون للكرامات:
وهم: الفلاسفة(43)، والمعتزلة(44)، ومن تأثر بهم(45)، وابن حزم(46)، وبعض الأشاعرة كالإسفراييني(47). وتبعهم معاصرون من مدعي العقلانية، ويرون أنه لا يقع من الخوارق غير معجزات الأنبياء. 
وهذه بعض شُبَهِ القوم مع مناقشتها:
الشبهة الأولى: قالوا: إن تـجـويـز الـكـرامــات يفـضي إلى السفسطة؛ لأنه يقتضي تجويز انقلاب الحجر ذهباً، والبحر دماً عبيطاً. والرد على هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه لا يُسلَّم ببلوغها هذا المبلغ.
والثاني: أن ذلك يجوز ولا يقتضي سفسطة؛ لأن ما ذكرتم وارد عليكم في زمن النبوة.
والثالث: أن التجويزات العقلية لا تقدح في العلوم المادية؛ وجواز تغير العادة بسبب الكرامة تجويز عقلي فلا يقدح فيها(48).
الشبهة الثانية: أن الكرامة لو جازت لاشتبهت بالمعجزة، فلا يبقى لها دلالة على النبوة.
والـرد علــى هــذه الشبهة بمنــع الاشتباه - كما تقـدم التفريق بينهما في مبحث سابق -. ثم إن الولي لو ادعى النبوة بعد ظهور الكرامة له لكان كاذباً، ولم يكن ولياً(49).
الشبهة الثالثة: أن الكرامة لو ظهرت لولي لجاز الحكم له بمجرد دعواه أنه يملك شيئاً من غير بينة لظهور درجته المانعـة مــن كذبـــه، وهـــذا خلاف قاعدة: "البينة على المدعي" والرد: أن الكرامــة لا تـوجب عصمته ولا صدقَهُ في كل الأمور، وهذا يضبطه الشرع ولا يخرج عنه(50).
الشبهة الرابعة: أنها لو جازت سراً وهو أولى من العلن، وهذا يفضي إلى أن لا يستدل بها على النبوة، ثم إن تكرارها يفضي إلى التحاق الخوارق بالعادات فلا تصدق معجزات الأنبياء! والرد من وجهين :
الأول أنها تجوز على وجه لا يصير ادة.
الثاني: وهو أنها تجوز بحيث لا تظهر ولا تشيع ولا تلتحق بالمعتاد. وتكررها للولي لا يخرجه عن طريق السداد، وإلا فلا يكون ولياً على التحقيق، ثم إن المعجزة تتميز عن الكرامة كما سبق. وهذه الشبهة لو جاز إيرادها لكان في كرامات الأمم السابقة، دون هذه الأمة.
الشبهة الخامسة: أنه لو كان لها أصل لكان أولى الناس بها الصدر الأول، ولم يظهر عنهم شيء منها.
قال ابن السبكي :"وهذا قول مرذول، فلو حاول مستقصٍ استقصاء كرامات الصحابة - رضي الله عنهم - لأجهد نفسه ولم يصل إلى عشر العشر"(51).
وموردو هذه الشبهة يراوغون في الكلام، فمثلاً: القاضي عبد الجبار في المغني لم يعرض للأدلة المثبتة للكرامات من القرآن، والزمخشري يقول بخصوصٍ منفي على إبطال العموم، كما استدل بقوله - تعالى -: (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا )) [الجن:26]، على إبطال جميع الكرامات . ورد بقول الاسكندري في الانتصاف(52).
الشبهة السادسة: أن مشاركة الأولياء للأنبياء في ظهور الخوارق يخل بعظيم قدر الأنبياء ووقعهم في النفوس(53).
وهذا مردود؛ فلا يخفى أن في الكرامة تصديقا للأنبياء، وما حصلت لهم إلا ببركة اتباعهم للرسل(54)، وقد ناقش شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - المنكرين ورد عليهم في النبوات(55)، كما ناقش المعتزلة في خوارق العادات من أحد عشر (56).
وبعد؛ فليس إنكار الكرامات سديداً؛ لمعارضته من قبل الشرع والواقع، ولا التوسع فيها جائزاً؛ لمخالفته نهج الصواب.
إننا نثبت الكرامات لأولياء الله الصالحين، ونقول: ليس كل من أتانا بخارق عددناه ولياً، ما لم يكن ملتزماً بهدى السابقين الأولين -رضي الله عنهم- . وفي الوقت نفسه: لا ننتقص أحداً من الصالحين؛ لأنه لم تقع له كرامة؛ فكم من ولي لم يحصل له خارق! وإن أعظم كرامة لزوم الاستقامة. نسألك اللهم حسن الختام.
الهوامش :
(1) شرح الطحاوية : 2/745. 
(2) الفتاوى ، 3/156 ، وانظر شرح الواسطية لخليل هراس ، ص 176 ، وانظر الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف للصنعاني ، ص20. 
(3) التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة للشيخ السعدي ، ص 97 ، وانظر لوامع الأنوار ، 2/294. 
(4) هذه الكرامات تجدها في السور التالية : آل عمران : 37 ، مريم : 25 ، الكهف : 17 ، هود : 71 ،72 ، النمل : 40. 
(5) انظر : صحيح البخاري ، ح/2358 ، 5084 ، 3465 ، 3436 ، 206. 
(6) رواه البخاري ، ح/1351. 
(7) رواه البخاري ، ح/456. 
(8) مع أنه حصلت له معجزات في هجرته . 
(9) انظر تقديس الأشخاص ، 2/288-289. 
(10) الفتاوى ، 10/431. 
(11) قطر الولي ، ص272. 
(12) أخرجه الترمذي ، ح/3175 ، وصححه الألباني ، ح/2537. 
(13) تلبيس إبليس ، ص285. 
(14) الموافقات ، 2/275-276. 
(15) مجموع الفتاوى ، 11/328. 
(16) شرح الطحاوية ، 2/746. 
(17) النبوات : 19 - 20 
(18) انظر : التنبيهات اللطيفة ، للسعدي : 99-100. 
(19) طبقات الشافعية ، 2/333 ، وانظر شرح الطحاوية ، 2/747 ، 748 ، وتعليقات الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ على التعليقات المنيفة ، ص98 ، والفرقان: 128 : 4/534. والسير: 4/934. 
(20) انظر: تعليقات ابن باز ، والرسل والرسالات للأشقر ، ص 155 ، وانظر: الفتح ، 7/443 فيما نقل عن ابن بطال. 
(21) الرسل والرسالات ، للأشقر ، 155. 
(22) الموافقات : 2/275 ، انظر : 2/266 ، وما بعدها . 
(23) سير أعلام النبلاء ، 15/231. 
(24) الواجب أن يبقى الإنسان متهما لنفسه في صحة عمله ، سواء وقعت له الكرامة أم لا لأنه جزم بقبوله شهادة لنفسه بأن من المتقين وأنه من اهل الجنة وقد كان داب الصالحين وسنتهم البقاء بين الخوف والرجاء بعد أداء الطاعات . 
(25) شرح الطحاوية ، 2/747 - 748. 
(26) عد السبكي هذا الأمر من الأدلة على وقوع الكرامات ، انظر طبقات الشافعية ، 2/333-334. 
(27) قاعدة في المعجزات والكرامات 29 ، 37. 
(28) موقف ابن تيمة من الأشاعرة ، د. عبد الرحمن المحمود ، 3/1378 ، 1782. 
(29) المصدر السابق : 3/1382. 
(30) انظر : المتريدية دراسة وتقويما ، أحمد بن عوض الله الحربي ، ص 386. 
(31) انظر: أصول الدين ، للبغدادي : 174 ، 175. والإرشادية للجويني : 267 ، 269. والمواقف للإيجي : 240. 
(32) موقف الإمام ابن تيمية من التصوف والصوفية ، د. أحمد بناني ، ص231. 
(33) انظر: تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي ، محمد أحمد لوح ، 2/293 ، 311. 
(34) الطبقات الكبرى ، للشعراني 2/88. 
(35) تلبيس إبليس ، ص382. 
(36) الطبقات الكبرى ، للشعراني ، 2/132. 
(37) انظر : تلبيس إبليس ، ص 383، وانظر: تقديس الأشخاص ، 2/298 ، وانظر امثلة أخرى في الطبقات الكبرى للشعراني : 2/107 ، 126. ، 136 ، 140 . 
(38) الطبقات الكبرى ، 2/140 وانظر : بدع الاعتقاد ، محمد الناصر ، ص 223. 
(39) انظر : أولياء الله عقلاء ، لابن تيمية : 75. 
(40) انظر : أصول مذهب الشيعة ، د. ناصر بن عبد الله القفاري . 2/614. 
(41) انظر: بحار الأنوار : للمجلسي : 27/29-31. 
(42) أصول مذهب الشيعة : 2/623 - 262. 
(43) انظر : شرح الواسطية ، لهراس ، ص 178. 
(44) انظر: المعغني لعبد الجبار ، 15/241. والكشاف للزمخشري ، 4/172 ، والنبوات ص 16 ، وشرح الطحاوية ، ص752. 
(45) انظر رسالة التوحيد ، لمحمد رشيد رضا ، ص176 ، 177 ، وتسفير المنار 12/293 ، 2/74 ، 2/316. 
(46) انظر : الدرة فيما يجب اعتقاده ، ص 194 ، 197 . 
(47) انظر : طبقات الشافعية 4/260. 
(48) انظر: طبقات الشافعية ، 4/260 وما بعدها ، وانظر حول الأولياء والكرامات ، د. الأنور : 35. 
(49) المرجع السابق ، شرح الطحاوية ، 2/75. ولوامه الأنوار ، 2/394. 
(50) المرجع السابق ، 35. 
(51) طبقات الشافعية : 4/260. 
(52) الانتصاف فيما بتضمنه الكشاف من الاعتزال مع الكشاف ص 172. 
(53) لوامع الأنوار ، ج2 ، ص394. 
(54) الفرقان ، 120 . 
(55) انظر : النبوات ص 204 ، 206 . 
(56) انظر : النبوات ، ص 175 - 191.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق