بسم الله
الجزء الاول
الجزء الثاني
للرجوع بالصوفية عن سنن اليهود والنصارى. تتعلق بالتوحيد والشرك والبدع من دعاء الموتى بناء المساجد على القبور والطواف حولها والذبح و النذر لغير الله تعالى ... الاحياء لا يسألون إلا الاحياء .. حتى الحيوانات لا تسأل الا الأحياء
أهل الباطن وباطن قرار إلغاء الموالد |
كتبه/ عبد المنعم الشحات الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فـ"المولد" كلمة تحمل في طياتها كل ما يمكن تخيله من صور الهرج والمرج؛ حتى أصبح أوجز تصوير لحالات الفوضى هي أن تصفها بأنها: "مولد"، وربما بالغوا أكثر فقالوا: "مولد وصاحبه غائب"، مع أننا لا نعرف مولد "صاحبه حاضر" فلا تقام الموالد إلا للموتى والمقبورين! وإذا نظرت إلى واقع الموالد فلن تجد فيها إلا الهرج والمرج، واختلاط مجاذيب "الهوى الصوفي" بمجاذيب كل أنواع "الهوى" حتى صار المولد هو المكان المفضل لبائعاته، وهو المكان الذي كان يلوذ به "المشخصاتية" قبل زمان السينما والمسرح، وما زال هو المكان المفضل للمبتدئين و"ساقطي القيد" في عالم التمثيل والغناء، والسيرك! وقد دخلت الموالد إلى مصر عن طريق "العبيديين" المسمون زورًا بـ"الفاطميين"، وهم كما وصفهم أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: "ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض". ثم قطع الله دابرهم ومعهم كل بدعهم ومنها بدعة الموالد على يد صلاح الدين -رحمه الله-، وعاودت الظهور بعده على فترات في عصر المماليك ثم أهملها العثمانيون فاندثرت حينـًا من الوقت، ثم عادت بعد ذلك إلى الظهور إلى أن أتت الحملة الفرنسية، والتي سبقتها جهود استشراق ضخمة، درست مواطن القوة والضعف في العالم الإسلامي؛ كان من نتيجتها أن جاءت الحملة الفرنسية فلم تخطئ طريقها إلى الأزهر، ولم تخطئ خطتها في محاولة القضاء على عقيدة الولاء والبراء، وعقيدة لزوم التحاكم إلى شرع الله عن طريق تعيين لجنة من شيوخ الأزهر سميت بالديوان؛ لإدارة القاهرة على أن تتولى باسم "نابليون"، وهي اللجنة التي رفض الانضمام لها عدد من الشيوخ منهم الشيخ: "عمر مكرم" -رحمه الله-، بينما قبل آخرون؛ عاقبتهم الأمة بأن محتهم من ذاكرة التاريخ. وكان من جملة ما جاءت به الحملة الفرنسية وهي عازمة عليه: إحياء كل ما يمكن أن يقف في طريق الصحوة الإسلامية؛ فأحيوا "النعرة الفرعونية"، وحاولوا ربط المصريين بها، ولكن النعرة الفرعونية كانت في حاجة إلى وقت طويل؛ لكي تصلح منافسًا للولاء للإسلام، فما كان منهم إلا أن أحيوا سنن الفاطميين، وأعادوا الاحتفال بكل المناسبات المبتدعة التي اخترعها الفاطميون. وكانت الموالد تتعرض لفترات رواج وكمون كما أسلفنا، وكان من نتيجة وصول الحملة الفرنسية أن انكمش الصوفيون فلم يقيموا شيئًا من موالدهم؛ لا المولد النبوي ولا غيره حتى سأل الفرنسيون عن ذلك، وأقاموا المولد النبوي على نفقتهم!! كما جاء ذلك في عجائب الآثار للجبرتي -رحمه الله-: "سأل ساري العسكر عن المولد النبوي، ولماذا لم يعملوه كعادتهم؟! فاعتذر الشيخ البكري بتعطيل الأمور وتوقف الأحوال؛ فلم يقبل، وقال: لابد من ذلك، وأعطى له ثلاثمائة ريال فرنسي معاونة، وأمر بتعليق تعاليق وأحبال وقناديل، واجتمع الفرنساوية يوم المولد ولعبوا ميادينهم، وضربوا طبولهم ودبادبهم، وأرسل الطبلخانة الكبيرة إلى بيت الشيخ البكري، واستمروا يضربونها بطول النهار والليل بالبركة تحت داره؛ وهي عبارة عن طبلات كبار مثل طبلات النوبة التركية، وعدة آلات ومزامير مختلفة الأصوات مطربة، وعملوا في الليل حراقة نفوط مختلفة، وسواريخ تصعد في الهواء، وفي ذلك اليوم ألبس الشيخ خليل البكري فروة، وتقلد نقابة الأشراف، ونودي في المدينة بأن كل من كان له دعوى على شريف فليرفعها إلى النقيب" عجائب الآثار جـ2 ص:201-202، دار الجيل - بيروت. ومن الجدير بالذكر أن نقيب الأشراف قبل مجيء الحملة الفرنسية كان الشيخ عمر مكرم، ولما رفض الانضمام إلى ديوان نابليون عزله عن ذلك المنصب، ونفاه إلى دمياط، وقلد الشيخ البكري مكانه وسط ذلك "المولد"؛ بيد أنه لما رحلت الحملة الفرنسية عن مصر أعاد الناس نقابة الأشراف إلى الشيخ "عمر مكرم". وقد ذكر الجبرتي دوافع الحملة الفرنسية في إحياء الموالد في معرض حديثه عن الاحتفال بمولد أحدهم علي البكري "الذي كان كما بيَّن مجنونـًا يمشي عريانـًا ويهذي بكلام غير مفهوم"؛ قال عن إعادة الاحتفال بمولده: "فلما حضر الفرنساوية إلى مصر تشاغل عنه الناس وأهمل شأنه في جملة المهملات، وترك مع المتروكات فلما فتح أمر الموالد والجمعيات، ورخص الفرنساوية ذلك للناس؛ لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع، واجتماع النساء، واتباع الشهوات، والتلاهي وفعل المحرمات، أعيد هذا المولد مع جملة ما أعيد" عجائب الآثار جـ2 ص:306، دار الجيل - بيروت، فبيَّن -رحمه الله- بعبارة موجزة دوافعهم من وراء ذلك(1). ولا تسأل الفرنسيين العقلانيين الذي شطحوا في إعمال العقل حتى نفوا الوحي تمامًا كيف دعموا هذه المولد، والتي كان يعارضها آنذاك كل الدعاة الإسلاميين سلفيهم وعقلانيهم؛ العقلاني يرفضها لمخالفتها للعقل، والسلفي يرفضها لمخالفتها للوحي أولاً وللعقل ثانيًا؟!(2). ولكن الحملة الفرنسية ثم من سار على دربها ممن تولى مقاليد الحكم في عهد "محمد علي" مهَّدت التقديم للصوفية على أنها الصورة الرسمية والشعبية للتدين في مصر؛ في ذات الوقت الذي كان أفراخ فرنسا من المفكرين يقيمون معركة بين الدين "الصوفي" -بطبيعة الحال- وبين العلم؛ لتخرج الأجيال المتعلمة تؤمن بما يؤمن به الفرنسيون من التعارض بين الدين والعلم مع أن هذا التعارض وإن كان باديًا لكل ذي عينان في حالة دين النصارى المحرف فإنه وبشهادة منصفي الغرب أنفسهم لا وجود له مطلقـًا في الإسلام. إذن فقد رحلت الحملة الفرنسية عن مصر تاركة خلفها "العلمانية الفرنسية"، و"القانون الفرنسي" و"الموالد الصوفية"! وما زالت الأمة تحاول منذ ذلك العصر إزاحة هذا الموروث الثقيل، وبحمد الله قد أزاحت كثيرًا من ذلك حيث تزايدت المطالبات بتطبيق الشريعة ليس في القضاء فقط، بل في كل مناحي الحياة، وانزوت العلمانية؛ فلم يبقَ لها إلا أوكار مشبوهة ينزون فيها بعيدًا عن المجتمع حتى إذا أطل أحدهم برأسه كادت أن تطير من كم اللعنات التي يصبها عليه العامة قبل الخاصة(3)! وها هي الصوفية رغم الملايين التي تذهب إلى الموالد في كل عام تعاني من الانحسار الشديد؛ فإذا استبعدت "الغوازي" ومريديهم، والنشالين ومساعديهم، وبائعي اليانصيب وأصحاب مناضد القمار، ثم أمعنت النظر فيمن بقي فلن تجد إلا أقوامًا بلغ بهم الكبر مبلغه -نسأل الله أن يرزقهم توبة قبل الممات-، حتى إن مراكز بحثية أمريكية حذرت من اندثار الصوفية في غضون سنوات قليلة بعد رصدها لمتوسط أعمار زائري "مولد البدوي" قبل عامين. وسبحان الله! من بعد هذه الدراسة وأصبح زيارة مولد البدوي من الطقوس المعتادة لـ"لسفير الأمريكي" الذي يُقـَابَل بكل ترحاب من قيادات هذه الموالد، ولكن في هذا العام جاءت الأمور مختلفة؛ حيث تم إلغاء الموالد بـ"قرار رسمي" بداعي من "أنفلونزا الخنازير"؛ فكان هذا هو مولد "إلغاء المولد"، وخاض الناس في القرار، وهل مبرره المعلن هو المبرر الحقيقي أم أن القرار السياسي أصابته "حمى الظاهر والباطن الصوفية"! ولأول مرة نجد انزعاجًا صوفيًا من أن يكون للكلام باطن غير ظاهره، وهم الذين يصفون النور والهدى المنزل من عند الله بأن له باطنـًا لم تعرفه القرون الفاضلة حتى أتانا مجاذيب الصوفية، وراضعي فلسفات الشرق والغرب فوضعوا للدين تفسيرًا غير الذي كانت خير القرون تعرفه من ظاهر نصوص الكتاب والسنة. وأنكر فريق آخر من الصوفية على أصحاب القرار في الإذن ببعض الموالد دون البعض غير مقتنعين بالتفسير الرسمي الذي قصر المنع على الموالد الكبيرة، والسماح بالصغيرة متهمين أصحاب القرار "بالانتقائية"؛ مع أن القوم يعولون في كل أمورهم على "الذوق"! فما الذي يمنع أن يكون لصاحب القرار ذوقه الخاص في الموالد التي يرى أنها مهددة بالأنفلونزا، والموالد التي يراها غير مهددة؟! وبعيدًا عن اكتواء الصوفية بنيران "الباطن" وسياط "الذوق" تفاوتت ردة فعلهم تجاه الحدث، فمنهم من ألمح إلى استخدام العنف، وهو موقف قد يبدو غريبًا على الصوفية إلا أن الأمر لا غرابة فيه؛ فبعد الصوفية عن العنف ليس إلا نتيجة الحماية التي حصلوا عليها من عصر الحملة الفرنسية حتى الآن، ولكن إذا تعرض وجودهم للخطر فمن الممكن أن يجنح بعضهم إلى العنف وإن كان هذا لا يبدو أنه سيكون خطـًا عامًا. ومنهم من ألمح إلى الخروج في مظاهرات بيد أنه انبرى من نفى ذلك من باب: أن المظاهرات من مسالك الإخوان المسلمين التي لا يمكن للصوفية أن تسلكها! بيد أن أطرف وأغرب هذه التهديدات: كان التهديد من انسحاب الصوفية من كل الأحزاب السياسية، والطرافة هنا في كلمة "كل" التي لا محل لها من الإعراب، ولا محل لها من التهديد أيضًا!! وأما وجه الغرابة: فهو في أن كلاً من المهدد والمهدد يرفعون شعار: "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، بينما يحمل التهديد في طياته أن الصوفية كتلة تصويتية لها ثقل بالغ، وأن هذه الكتلة يحدد لها "الأحزاب" التي تنتمي إليها، وتستخرج "كارنيهات عضوية" فيها، ثم تصوت لها في الانتخابات. وأما أخطر هذه التصريحات من الناحية العقدية فهي ما ادعاه بعضهم من أنه لا خوف على الصوفية من انفلونز الخنازير؛ لأن أهل البيت يحمونهم، وهو فرع على الانحرافات العقدية الخطيرة عند الصوفية الذين ينسبون للمخلوقين جلب النفع ودفع الضر، ومن ثمَّ يدعونهم ويصرفون إليهم سائر أنواع العبادة، وقد رد القرآن على هذه الاعتقادات الباطلة فقال: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) (يونس:107)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). وقد بلغت الجرأة بهؤلاء أنهم إن سألوا الله لم يكونوا على ثقة بالإجابة، وإذا سألوا الموتى والمقبورين بلغت بهم الثقة إلى إهمال الأخذ بالأسباب مع أن الواجب أن يسأل العبد ربه وهو موقن بالإجابة بيد أنها لا يلزم أن تحدث؛ لاحتمال وجود موانع، وإذا حدثت فلا يلزم أن تكون بعين ما سأل، بل ربما سأل رد بلاء فأتاه ورزق معه الصبر فكان الأرفع لدرجته أو نحو ذلك، وعلى أية حال فسؤال الله والتوكل عليه لا ينافي الأخذ بالأسباب. وخرج آخر فرفع الحرج عن الجميع إذ أعلن أن منع المولد يدل أن أهل البيت غاضبون للتقصير في حقهم؛ فنتج عن غضبهم منع المولد، وهذا القول كسابقه في نسبة الخلق والتأثير إلى الأولياء حيث زعم أنهم حركوا قلوب المسئولين تجاه المنع، وهو أمر لم يكونوا يملكونه في حياتهم فكيف بعد وفاتهم؟! قال -تعالى- مخاطبًا نبيه -صلى الله عليه وسلم- في شأن عمه أبي طالب: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56)، وفي المقابل قال له لما دعا على بعض المشركين: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (آل عمران:128). ونحن من باب المجاراة نسأل هؤلاء الصوفية -إذا كان الأمر كما يقولون-: لماذا لا يسألون أهل البيت -"وأهل البيت منهم براء"- أو غيرهم من المقبورين أن يدفعوا عن الأمة الإسلامية كلها هذا الوباء حتى نستريح؟! ولماذا لم يسلط الصوفية كرامات أوليائهم على "جيوش الأمريكان"؛ ليرحلوا عن بلاد المسلمين بدلاً من استقبالهم في موالد الصوفية؟! ثم إن من الصوفية من استدر عطف المسئولين على الباعة الجائلين في الموالد الذين سوف يفقدون مصدر رزقهم، ولا ندري هل يبكي الباعة أم يبكي صندوق النذور؟! ولكن إذا قبلنا "ظاهر كلامه" فلماذا الخوف على الرزق طالما أنهم يساهمون في موالد الأولياء؟! ثم لماذا لم يعلم الأولياء بالقرار؟! ثم لماذا احتاجوا أن يدافع أحد عن موالدهم ولم يدافعوا هم عنها؟! إن الإجابة واضحة: هؤلاء مقبورين انقطع عملهم سواء من كان منهم من أهل الصلاح، أو حتى من أهل البيت، أو كان من أهل الفساد؛ كحال بعض مقبوري الصوفية الذين ما زالت لهم سجلات إجرام في أقسام الشرطة إلى يومنا هذا!! الجميع انقطع عمله كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (رواه مسلم). ومنهم من تزاكى فأراد أن يرمي أصحاب القرار بتهمة تحملهم على التراجع مذعنين وهو أنه نسب إلغاء الموالد إلى النفوذ السلفي، بل الوهابي المتزايد؛ وذلك لأن كلمة: "وهابي" تحمل في طياتها تحريض سياسي دولي، وقد كنا نتمنى أن لو كان الأمر كذلك ليس رغبة في إثبات الوجود كما قد يظن البعض، ولكن رغبة في عودة الأمة إلى الدين الذي أنزله الله من قبل انحرافات "ابن عربي"، و"ابن سبعين"، ومن قَبل موالد العبيديين، ومن قبل ضلالات الشيعة، ولكن الأمر ليس كذلك، وإلا لألغيت جميع الموالد، ولكسرت جميع صناديق النذور التي ينذر فيها لغير الله، ثم تقسم على سدنة الموالد مما يمثل لهم دافعًا إلى الاستمرار مهما تبين لهم من حجج وآيات إلا من رحم ربي. كنا نتمنى أن تكون قبور من ظن بهم الصلاح من الأولياء كقبور سادات الأولياء بعد الأنبياء في البقيع، وفي أُحد مسواة بالأرض ليس عليها بناء ولا مشهد. كنا نتمنى لو طبقت الأمة قول نبيها: (أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) (رواه مسلم)، ولكن الأمر ليس كذلك، و"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"!! فليسموا ذلك تشددًا.. وليسموه تنطعًا... أو لينعتوه بـ"الوهابية"؛ فهو دين الله أنزله على محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل أن يولد "ابن عبد الوهاب" بأكثر من ألف عام؛ أدلته مبسوطة في الكتاب والسنة، وفتاوى علماء الأمة عليه عبر العصور، ولكثير من شيوخ الأزهر ومفتي الديار عدد لا بأس به من الفتاوى في هذا الباب. والذي يسمع كلام هؤلاء ومن قبلهم كلام "أقباط المهجر" يظن أن السلفيين يسيطرون على مقاليد الأمور في الوقت الذي يعاني فيه السلفيون من الحرب العالمية ضد مناهجهم، والتي تريد أن تمنعهم حتى من تدارسها فيما بينهم فضلاً أن يدعوا الغير إليها، والتي تنعكس على واقع السلفيين في كل البلاد!! إن "التهييج الدائم على السلفيين" من كل القوى الأخرى: يدل على حالة الإفلاس التي يشعر بها كل هؤلاء أمام الأدلة السلفية في الوقت الذي يريدون أن يبقوا على ماهم عليه من انحراف، وفي لفتة لا تخلو من ذكاء سياسي أعرب أحد قادة الصوفية عن خوفه من أن يكون ذلك مقدمة لإلغاء صلاة الجمعة في محاولة لتعميم القضية على المسلمين بدلاً من أن تكون قضية الصوفية، ولكن هل يمكن لأحد أن يصدق أن الصوفية قررت أن تعود إلى الرابطة الجامعة للمسلمين بدلاً من تحزبهم الضيق داخل بدعهم؟! بأي دليل يريدون منا أن نصدق ذلك مع أننا حتى لو صدقناهم فلا يمكن أن نهب نصرة لبدعة خوفـًا من أن يجر منعها إلى أن تمنع عبادة مشروعة بعدها، ومع ذلك فالصوفية ما زالوا في خندقهم يتبادلون الزيارات مع السفير الأمريكي، ويتوافقون معه على حرب الإرهاب، والتي ثمارها قتل النساء والأطفال في العراق وأفغانستان! بل أين الصوفية في أزمة "مروة الشربيني"، ومن قبلها أزمة الرسوم المسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟؟!! والتي لم يكن لهم حيلة تجاهها سوى "الصفح الجميل" الذي تبخر لمجرد إلغاء مولد من الموالد التي ينسبونها إلى أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهل الغضب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وآل بيته أم لصندوق النذور؟! وأخيرًا تحلى بعضهم بقدر من العقلانية، وقال: "إن إلغاء الموالد هو نوع من الحملة على الشيعة نتيجة وجود تقارب بين الفريقين". ومع أن هذا الاحتمال يبقى احتمالاً ضعيفـًا إلا أننا نقول للصوفية: هل لديهم الجرأة في التبرؤ التام من الشيعة؟! ونقول لهم: هل لديهم العزم على التصدي لـ"حسن شحاتة" وأمثاله في السب الذي كاله لـ"عائشة" -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-؟! أم أن التواطؤ الصوفي الشيعي قائم على أشده؛ لاشتراكهم في كثير من الأصول الفاسدة؟! وحتى تلك التي انفرد بها الشيعة من الطعن على الصحابة فيبدو أن الصوفية يرونها من الأمور التي لا تفسد للود قضية!! إن قرار إلغاء المولد خوفـًا من أنفلونزا الخنازير قد كشف اللثام عن كثير من "الفيروسات" المستوطنة في أوساط الشيعة، والصوفية، والعلمانية، والغرب، وكل هؤلاء مع اختلاف المشارب يسكت بعضهم عن بعض، ويؤازر بعضهم بعضًا في الحرب على المبادئ الأصلية للإسلام التي يحلو لهم بتسميتها "تطرفـًا" أو "إرهابًا" أو "وهابية". وهم ما بين عدو ظاهر يريد الكيد للإسلام وأهله، وبين طامع في حصة من صندوق نذر أو "موطأ قدم" في حظيرة "المثقفين"! فنسال الله أن يرينا الحق حقـًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبسًا علينا فنضل. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الثورة الفرنسية هي صاحبة البصمات الأكثر أثرًا في الفكر الغربي المعاصر، كما أن السياسة الفرنسية في مواجهة أمة الإسلام عن طريق الغزو الفكري والعسكري في آن واحد هي أيضًا الأسبق في هذا المضمار، وعلى خطى الفرنسيين سار الإنجليز حتى تفوقوا عليهم وهزموهم، وورثوا عنهم كل مكرهم ودهائهم، وزادوا عليه، ثم بعد الحرب العالمية الثانية ورثت أمريكا شقيقتها التي كانت "كبرى"، واستكملت نفس المشاريع، ومن ثمَّ فلا جديد في أن تجد سفراء أمريكا في بلادنا السفير تلو الآخر يحرصون على حضور موالد الصوفية، والتبرع لها بملايين الدولارات، بل تجاوز الأمر ذلك بفتح حوار سياسي مع الصوفية، والذي خرج ممثل الصوفية منه؛ ليعلن أن الرؤية الصوفية تتطابق تمامًا مع الرؤية الأمريكية في كل المجالات بما في ذلك حرب الإرهاب!! (2) كان الشيخ "محمد عبده" -رحمه الله- شديد الإنكار على الصوفية لاعتبارات عقلانية، وإن كان يعضد رفضه لها برفض ابن تيمية لها دون تقصي للمبررات الشرعية لرفض بدع الصوفية، ثم جاء من بعده الأستاذ "رشيد رضا" -رحمه الله- فرفض بدع الصوفية بمبررات شرعية، وعمل على نشر تراث "الدعوة الوهابية"، وعلى نشر تراث "شيخ الإسلام ابن تيمية"، وتلميذه "ابن القيم" -رحمهما الله تعالى-. (3) تذكرنا موالد الصوفية "الفرنسية" بموالد أخرى فرنسية أيضًا، ولكنها فرنسية المظهر والجوهر، وهي موالد جوائز "المثقفين" الذين لا يعرفون من معنى الثقافة إلا الثقافة الفرنسية لا سيما ما كان منها متعلقـًا بسب الإسلام، والطعن فيه ثم يحاولون أن يدفعوا بأنفسهم، واحدًا بعد واحد؛ لينال "لقبًا" أو "جائزة " ظنـًا منهم أن هذا يخرجهم من عزلتهم الجماهيرية فأراهم الله من أنفسهم ما يكرهون، وصبت الأمة باختلاف أصنافها لعناتها عليهم؛ نسأل الله أن تصيب من لم يتب منهم في مقتله، وأن تجعلهم عبرة لمن يعتبر؛ فهذا "نصر أبو زيد" يعيش في بلاد الكفار طريدًا، وهذا "سيد القمني" مسجون داخل جلده من فرط ما تـَنكَّر له الجميع حتى أولئك الذين أغروه بالكفر، وأغروا من كرمه بتكريمه!! إن الأوساط المسماة كذبًا وزورًا بـ"الأوساط الثقافية" هي من أجدر الأوساط بوصف: "المولد"؛ بيد أن صاحبه حاضر دائمًا، ولو غاب لاسترحنا فصاحبه هو: "إبليس" -عليه لعنة الله-. |
| جودة عادية | للتحميـل |
1 | الترحيب بالجفري (1) | |
2 | الترحيب بالجفري (2) |
| جودة عالية | للتحميـل |
1 | الترحيب بالجفري |