بسم الله
يحتج القبوريون بأن هناك فرقا بين دعاء العبادة و دعاء المسألة ليكون مسوغا لدعاء الاموات. ومن طرافة القبوريين أنهم يفرقون بين دعاء المسألة ودعاء العبادة بينما في الوقت نفسه لا يفرقون بين الحي والميت كما لا يفرقون بين الحاضر والغائب. وهذا لعمري في القياس بديع !
لقد وصل الامر بهؤلاء المرضى في سبيل التمسك بدعاء الاموات الى أن حاربوا العقل و النقل وكأن دعاء الموتى هو شهادة أن لا إله إلا الله يستميتون في سبيلها !!! فسبحان الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
وهذا رد مختصر على هذه الشبهة مفيد قرأته فنقلته للفائدة مع المصدر.
" الأمر الثاني: مما فيه قلب الحقائق:فإنهم ذكروا أن الدعاء الوارد في الآيات إنما هو عبادة لا طلب ومسألة، وفرق بين العبادة والمسألة ومقصودهم من هذا التفريق: أن دعاء المسألة لا شرك فيه، ولو كان السائل ينادي ميتاً أو غائباً أو جماداً، إذ الدعاء – الذي هو الطلب – ليس من العبادة!
والجواب من وجهين:
الوجه الأول: لا شك أن الدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة – والإضافة هنا بيانية أي الدعاء الذي هو عبادة، والدعاء الذي هو السؤال والطلب، والفرق بينهما هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "... دعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد، ودعاء المسألة يكون (الله هو) المراد منه، كما في قول المصلي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فالعبادة إرادته، والاستعانة وسيلة إلى العبادة، (فإرادة العبادة): إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة: إرادة الوسيلة إلى المقصود، ولهذا قدم قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، وإن كانت لا تحصل إلا بالاستعانة، فإن العلة الغائية مقدمة في التصور والقصد، وإن كانت مؤخرة في الوجود والحصول، وهذا إنما يكون لكونه هو المحبوب لذاته" .
ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة، ودعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، وذلك يتضح بالآتي:وهو أن دعاء المسألة: طلب الداعي ما ينفعه، وطلبه كشف ما يضره أو دفعه عنه قبل وقوعه، والضر والنفع مالكهما هو الله سبحانه، ومالك الضر والنفع هو المعبود لا غيره، ولهذا عاب الله تعالى من يعبد ما لا يملك ضراً ولا نفعاً وبهذا يظهر أن العابد لابد أن يكون راجياً من معبوده نفعاً وطالباً منه كشف الضر أو دفعه ويفزع إليه في ذلك – وهذا من تمام عبوديته – فإذاً إن عبوديته لله تستلزم أن يسأل الله تعالى ويدعوه، وفي سؤاله لله تعالى قد جمع أنواعاً من العبادة: منها: إسلام الوجه له تعالى ورغبته إليه والاعتماد عليه والخضوع والتذلل له وحده، لهذا كان دعاء المسألة متضمناً لدعاء العبادة . وعليه بطل قولهم في أن دعاء المسألة ليس بعبادة.
الوجه الثاني: هذا الذي ذكروه من أن الدعاء ليس بعبادة قول مخالف لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقول الأئمة ولقول المتقدمين من الأشاعرة ومنهم الرازي الذي صرح بأن الدعاء هو أعظم العبادات.
ثم إن الله نص على أن دعوة المشركين لشركائهم دعاء مسألة من الشرك به، وذلك بعد بيانه أنه مالك كل شيء وأن من دونه لا يملكون شيئاً فقال: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر 13-14] – قول: {لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ} صريح في أن الدعاء كان دعاء مسألة، ثم وصفه بكونه شركاً بقوله: {يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} وهذا رد على زعم من يقول إن دعاء المسألة ليس بعبادة . " ا.هـــــ
المصدر :موسوعة الفرق » الباب الثالث: الأشاعرة » الفصل الرابع: » المبحث الرابع: الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك
نقلا عن : منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبداللطيف – 1/185
مواضيع متعلقة :
الصوفية القبورية وعدم التفريق بين الحي والميت
أيها الصوفية القبورية ... هل تفرقون بين الحي والميت..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق