بسم الله
ب-نشأة بناء المساجد على القبور وأول من بنى المشاهد:
لم توجد هذه الظاهرة القبيحة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في صدر الإسلام من القرون المفضلة، وإنما ظهرت هذه البدع بعد ما كثر الزنادقة وأهل البدع في المجتمع الإسلامي لصرف الناس عن دينهم وتبديل دين الإسلام، فلم توجد هذه البدع على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم في بلاد الإسلام لا في الحجاز، ولا اليمن، ولا الشام، ولا العراق، ولا مصر، ولا خراسان، ولا المغرب، ولم يكن قد أحدث مشهد على قبر نبي، ولا صاحب، ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلاً، لأن الإسلام كان آنذاك ما يزال في قوته وعنفوانه، بل عامة هذه المشاهد محدثه بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس، وتفرقت الأمة، وكثر فيهم الزنادقة الملبسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة، فإنه إذ ذاك ظهرت "القرامطة العبيدية القداحية" بأرض المشرق والمغرب، وكان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام، ثم جاؤوا بعد ذلك إلى أرض مصر, وقريباً من ذلك ظهر بنو بويه، وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية، وفي دولتهم قوي بنو عبيد القداح بأرض مصر، وفي دولتهم أظهر المشهد المنسوب إلى علي رضي الله عنه بناحية النجف، وإلا قبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي رضي الله عنه هناك، وإنما دفن علي رضي الله عنه بقصر الإمارة بالكوفة.
وصنف أهل الفرية الأحاديث في زيارة المشاهد والصلاة عندها، والدعاء عندها، وما يشبه ذلك. فصار هؤلاء الزنادقة وأهل البدع المتبعون لهم يعظمون المشاهد، ويهينون المساجد، وذلك ضد دين المسلمين ويستترون بالتشيع.
ولهذا لما لم يكن بناء المساجد على القبور التي تسمى "المشاهد" وتعظيمها من دين المسلمين، بل من دين المشركين، لم يحفظ ذلك، فإن الله ضمن لنا أن يحفظ الذكر الذي أنزله كما قال: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) 43
فما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة محفوظ، وأما أمر المشاهد فغير محفوظ، بل عامة القبور التي بنيت عليها المساجد: إما مشكوك فيها، وإما متيقن كذبها 44
هذا ما يسر الله لي جمعه وتأليفه أسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ) .
الهوامش :
( 43) سورة الحجر / آية رقم 9/.
( 44) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 27/ 167 – 170، 466.
المصدر:
بناء المساجد على القبور: ( الحكم - الشبهات - البداية ) .. للدكتور إبراهيم الغصن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق